2013-1937 

ولد ياسر أمين محمود آغا النمر في مدينة نابلس -فلسطين- وترعرع فيها، ودرس في مدارسها الى أن تخرج من الصفوف المدرسية العليا (الثانوية العامة) من المدرسة الصلاحية عام 1954م وقد أرسله والده المربي "محمد أمين" النمر الى جمهورية مصر العربية للدراسة فيها، حيث كان أصغر أبنائه الذكور. وقد واكب وجوده في مصر أن عاصر بدايات عهد ثورة 23 يوليو المصرية والتي قام بها الضباط الأحرار، وعايش انطلاق الفكر الثوري العروبي الوحدوي وتأثر به. وقد التحق الشاب ياسر بمقاعد الدراسة في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وكان من الطلبة الناشطين في عدة مجالات. منها النشاطات الرياضية فقد كان أحد الطلبة المتميزين حيث فاز ببطولة العديد من المسابقات الرياضية على مستوى جمهورية مصر العربية وجامعاتها في مجال العاب القوى ومنها رمي الرمح والقفز بالزانة، وكان لهذا التفوق الرياضي دور هام في مساعدته في تسهيل مهمته الدراسية في الجامعة مادياً ومعنوياً.

الميداليات الخاصة بالبطولات الرياضية التي فاز فيها المرحوم ياسر آغا النمر أثناء دراسته الجامعية في مصر

وقد انتقل الى العمل في الكويت مباشرة بعد تخرجه وعمل فيها لمدة خمسة سنوات، وما لبث ان انتقل الى العمل في الجزائر، وخاض هناك تجربة المشاركة في إنشاء إتحاد المهندسين الفلسطينيين في الجزائر الى جانب المهندس المهندس مروان عبد الحميد الذي وصل عبر نضالات وعطاء الى منصب رئيس الفيدرالية العالمية للمنظمات الهندسية، إضافة الى كونه أمين عام اتحاد المهندسين الفلسطينيين ، وهي هيئة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، كما كان الى جانبهم المهندس عدنان سمارة مسؤول العلاقات الداخلية في اتحاد المهندسين الفلسطنيين حالياً، وكذلك المهندس المرحوم ادوار كتوت الذي كان يدير أمانة الصندوق بالاتحاد. الى جانب المرحوم المهندس ضيف الله الأخرس الذي تولى منصب أمين سر اتحاد المهندسين الفلسطينيين ومستشار الشهيد ياسرعرفات للشؤون الهندسية ووكيل وزارة الأشغال العامة في السلطة الوطنية الفلسطينية ... و قد أثمرت جهودهم عن إنشاء إتحاد المهندسين الفلسطينيين كإطار جمعي وطني يوحد المهندسين الفلسطينيين في كل مكان، ويمثل قوة كبيرة ومنظمة تعمل في جميع الساحات العالمية. 

درع تكريمي من الهيئة الإدارية لفرع الإتحاد العام للمهندسين الفلسطينيين في الجزائر تقديراً لجهود المرحوم ياسر آغا النمر في تأسيس الإتحاد العام وتطويره - 1985م

عمل الشاب ياسر آغا النمر كمهندس مدني لوزارة الإسكان في الجزائر، حيث وافق ذلك العمل الفترة التي تلت مباشرة انعتاق شعب الجزائر الشقيق من نير الإستعمار الفرنسي، و كان له شرف المساهمة بالنهوض في الجزائر الدولة بعلمه وعمله، وقضى فيها زهرة شبابه لما يزيد عن اثنين وعشرين عاماً من العطاء المستمر، حيث عمل مديراً في إحدى الشركات الوطنية لمشاريع انشائية وبنية تحتية، ووصل عدد المشاريع التي كان يديرها في وقت من الأوقات الى إثني عشر مشروعاً في آن واحد. وقد منحه المجلس الأعلى لإتحاد المهندسين الفلسطينيين وساماً تقديرياً، فضلا عن العديد من الدروع التقديرية التي منحها له إتحاد المهندسين الفلسطينيين فرع الجزائر وفاءً لجهوده. كما تعلم اللغة الفرنسية واتقنها لتفتح له ابواباً في البلدان الافريقية الفرنكوفونية.

وقد انتقل بعد ذلك للعمل في السودان ككبير المستشارين الهندسيين للمصرف العربي للتنمية الإقتصادية في افريقيا، وهو بنك يمول مشاريع تنموية في دول افريقياً في نطاق مواجهة التوغل الإقتصادي الأجنبي، فكان مسؤولاً عن تقييم المشاريع، بحيث كان يكلف بالسفر الى دول افريقيا للتباحث حول جدوى تلك المشاريع، ويكون دوره حاسماً في إقرار هذه المشاريع. وقد مارس هذا الدور على مدار ما يقارب عشرة أعوام، أعطى فيها زبدة خبراته المكتسبة في هذا المجال، وقد انتدبه المصرف العربي بعد طلب من دولة بوركينا فاسو الإفريقية، ليمثله و يقيم فيها، حيث عمل كمستشار فني لوزير الطرق والبنية التحتية في الدولة، ولعب دوراً هاماً في الكثير من المشاريع التطويرية فيها وخاصة مشاريع الطرق الرابطة بين البلدان المجاورة لبوركينا فاسو، فكانت محصلة جهود ثلاثة عشرة عاماً مكللة بقيام رئيس دولة بوركينا فاسو بلايز كومباوري بمنح المهندس ياسر اغا النمر وسام الإستحقاق الوطني بدرجة فارس.

وسام الإستحقاق الوطني بدرجة فارس الممنوح للمهندس ياسر النمر من قبل رئيس دولة بوركينا فاسو بلايز كومباوري

 توفي رحمة الله عليه في عمان عن عمر ناهز 76 عاماً قضاها معطاءً وقدوة حسنة لأبناء فلسطين في المهجر، وكان مثال الوطني الغيور الذي كان يفيض حباً وإخلاصاً لوطنه فلسطين، والذي لم يكن ليحب بريق الأضواء وأبى أن يجني المكاسب الشخصية من وراء مكانته وعلاقاته التي اكتسبها على مدار مسيرة حياته.